أُلعبان

ألعاب، فلسفة، برمجة، منطق، وأمور أخرى لا معنى لها

وداعًا ملاعيب

4 دقائق قراءة

في عام 2017 لعبت لعبة Alice Madness Returns. أعجبني جمال الرسوميات والتفاصيل، والعالم الغريب التي تحاك فيه أحداث القصة، ولكن ما شد انتباهي كان لعبة ألغاز قصيرة كانت من ضمن التحديات التي يجب على Alice تخطيها. اللعبة مستوحاة من فكرة لعبة الشطرنج. رغم إعجابي بهذه اللعبة، إلا أنها كانت قصيرة جدًا! أربع أو خمس مراحل فقط! حينها فكرت بمحاكاتها على قطعة الشطرنج التي عندي في الغرفة، وقمت بتصميم مراحل أخرى بنفس الميكانيكيات الأصلية. ومن ثم خلال الأيام التالية، قمت بالتفكير بميكانيكيات أخرى يمكن إضافتها، وشيئًا فشيئًا صرت أفكر بأن أحول الأمر إلى مشروع في محرك Unity.

لاحقًا شاركني صديق في إكمال المشروع وبناء مزيد من المراحل وشاركنا باللعبة في منافسة IMGA نسخة الشرق الأوسط، كنت حينها أتحجج بالمنافسة حتى أستطيع إكمال المشروع في وقت قياسي، ولكن لم تكن لدي أي توقعات بالفوز. ورغم ذلك فازت اللعبة بجائزة Excellence in Game Design مما أفرحني جدًا ورسم الطريق أمامي لإكمال المشروع وإصداره على أجهزة الموبايل! بعد تلك المسابقة، توالى الحظ السعيد علي، فلقد حصلت على فرصة لعرض اللعبة في مؤتمر يوم اللاعبين في الرياض. كان الأمر بالنسبة لي لا يصدق! وفرحت كثيرًا بالتجربة! ولذلك قررت إضافة ميزة جديدة لدعم التحكم بـGamepad حتى يستطيع لاعبي المؤتمر لعبها على الشاشة الكبيرة، جعلني ذلك أتحمس أيضًا لإصدار اللعبة على الـConsoles وكان ذلك بداية الإنحدار نحو هاوية الـ Feature Creep!

بعد نجاح اللعبة في المسابقة وعرضها أمام كثير من اللاعبين، أصبحت أهدافي في المشروع تكبر شيئًا فشيئًا، فمن دعم الGamepad إلى مصمم مراحل داخل المحرك، إلى إمكانية تصميم مراحل ومشاركتها مع الاعبين، إلى تحسين رسوميات اللعبة، إلى إعادة كتابة كود اللعبة من جديد لتحسين الأداء، إلى الشعور بالإحباط، والتوقف عن العمل. كنت بداية أعتقد أنني توقفت عن العمل على اللعبة لأني منشغل بكثير من الأمور التي تحدث في حياتي، التخرج، البحث عن وظيفة، إكمال الدراسة في الخارج، إلخ ... وربما هنالك جانب من الصحة في هذا الإنشغال إلا أن السبب الحقيقي الذي جعلني أتوقف هو سقف التوقعات العالي الذي بنيته نتيجة الفوز بالمسابقة، والتحدث عن اللعبة وإطلاق الوعود أمام العامة.

لاحظت أيضًا أنني بدأت أكره المشروع! فكلما حاولت أن أفتح المحرك وأبدأ العمل، أشعر بعدم الراحة نظرًا لكمية الأشياء التي يجب أن أعملها وعدم معرفتي من أين أبدأ! وتلا الأمر توقفي عن العمل على أي مشروع آخر لأني كلما حصلت على وقت فراغ وأحببت أن أعمل على لعبة، أو موقع، أو أي شيء آخر، أشعر بالتقصير، كوني أملك مشروع أكثر أهمية ويستحق وقتي أكثر! حتى هوايتي المحبوبة، المشاركة في Game Jams توقفت عنها. قررت حينها التوقف عن العمل على اللعبة حتى أجل غير مسمى، وأقوم بعمل مشروع صغير جدًا حتى أشعر بالحماس والإنجاز، فقمت بتطوير لعبة that smiling game والتي فعلًا أشعرتني بالإنجاز، والعودة مجددًا لتطوير الألعاب. ولكن عندما آن الآوان للإنتقال لمشروع آخر، جاءتني هواجس لعبتي الأولى مجددًا، لما لا أعود لها وأنجزها هذه المرة؟ وحينها قمت بعمل قائمة من الخطوات التالية ولكن نفس المشكلة السابقة عادت لي، فلقد عاد الـFeature Creep وعاد معه الشعور بالقلق وفقدان الحماس.

حينها أدركت القرار الذي كان يجب علي أن أقوم به منذ زمن ولكنني لم أمتلك الشجاعة لأن أقوم به ... قررت إلغاء المشروع وتوديع لعبة ملاعيب. طبعًا هنالك شعور بالغصة والحزن يغمرني وأنا أكتب هذه الكلمات، ولكن كان من الضروري لي أن أتعلم متى أقول لا لمشروع ما بالطريقة الصعبة. فإن كان لهذا الوباء العالمي أن يعلمنا شيئًا، فهو أن نتخلى .. نتخلى دون قلق، فمهما خططنا لمشاريع وأحلام وأهداف، هذه الحياة عشوائية، وليست بالضرورة انعكاسًا لخطط وتصورات، بل هي مغامرة، فيها المفاجئات السارة والمفاجئات المحزنة. طبعًا هذه المغامرة ليست خالية من الدروس والخبرات التي سأخذها معي في الأيام القادمة، فأنا الآن على وعي أكبر بحجم المشاريع التي أستطيع إنجازها. غير ذلك، أنا الآن أتفهم خطورة التحدث عن مشاريعي للناس وهي في مراحلها الأولى وماينتج عنه من رفع سقف التوقعات والقلق.

آخيرًا، مايجعلني أشعر بالراحة تجاه هذا القرار هو اقتناعي أن تطويري للألعاب كان دومًا عن حب وحماس، ومتى ما افتقدت كلا الأمرين في مشروع ما، فأنا أعاكس طبيعتي وأفرض على نفسي ما أحب. فلذلك أنا متشوق لأن أقع في حب مشروع آخر وحينها لن أخبركم عنه ... فلا أريد تكرار أخطائي مرة أخرى!

لمساعدتي في الإستمرار في الكتابة هنا، سأكون سعيد باستقبال تبرعاتكم أو دعمكم للموقع من خلال مشاركته مع العائلة والأصدقاء.

جميع الحقوق محفوظة لألعبان

© 2020